السياحة و افتراضاتنا الخاطئة (٢) : البداية
السياحة و افتراضاتنا الخاطئة (٢) : البداية
مثلها مثل الصناعات القديمة في مصر التي ظهرت منذ عقود لامتلاكنا ميزة تنافسية بها، كانت الدولة هي اللاعب الاهم في القطاع و بالتالي لم ترى السياحة ما يكفى من التحديث او التخطيط برؤية شاملة و اعتمدنا على ان “لدينا ثلث اثار العالم و شواطئ ساحرة…الخ ” و هي امور لا تشكل اكثر من ٢٠٪ من المطلوب لخلق قطاع سياحي قوي و مستقر.
و هنا اود ان انوه على نقطة اخري غاية في الاهمية: قطاع السياحة هو اكثر قطاع في اي دولة يحتاج الى”تنسيق” مستمر بين الجهات و الاجهزة في الدولة و بحرفية عالية و اذا غاب التنسيق، مهما كانت مصادر الجذب السياحي فسوف تتخلف هذه الصناعة لا محالة.
لذا و في غياب الدراسة و التحديث و التنسيق و فهم حقيقي لمعنى الترويج (ليس اعلان في CNN او حضور معارض) و في ظل منافسة شرسة من بلاد كرست كل امكانياتها التكنولوجية و التنظيمية و المالية لتصنع مقاصد سياحية في مدن ليس لديها مميزات حقيقية مثل مصر، بدأت الفجوة تزداد بيننا و بين هذه البلاد من حيث “جودة المنتج” ، و كانت النتيجة الحتمية ان ذهبت الشرائح عالية الانفاق الى هذه البلاد و اكتفينا نحن بالسائح محدود الانفاق. وًهنا لم يكن هناك مفر من التسويق للسياحة في مصر عن طريق ال Packaged tourism و التي تعتمد على عامل السعر قبل الجودة – باختصار السائح دافع معظم مصاريفه قبل السفر و لا مجال للابداع في تحفيز الانفاق- مما ادى الى نقطة غاية في الخطورة: تركز السياحة مع عدد قليل من اللاعبين و وكالات السفر التي كانت لديها القدرة على التأثير على الاعداد الوافدة في حالة وجود اي قلق امني او حادث خوفا على سمعتها و بالتالي باتت مصر تتاثر اكثر من اي بلد اخرى في فترة التعافي بعد الحوادث.
هنا استسلمت الدولة و القطاع الخاص لنظرية “السياحة على كف عفريت و مش مضمونة و مش هي ديه اللي هتقوم البلد” و بالتالي تراجع الاهتمام بهذا القطاع و بدأ المنتج و الخدمة تتماشى مع هذه الفرضية الخاطئة ، و تخاطب الشرائح الاقتصادية من السائحين و بدون اي طموح.
#السياحة_في _مصر
